”محاسبة النفس”.. نص خطبة الجمعة اليوم 23-12-2022
سارة محمودأعلنت وزارة الأوقاف عن موضوع خطبة الجمعة اليوم بعنوان «محاسبة النفس ماذا قدمت لدينها ودنياها ووطنها؟»، وجاء في بدايتها: «الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةً، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأشهد أن سيدنا ونبينا مُحَمَّدًا عَبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليهِ، وعَلَى آلِهِ، وصحبهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بإحسان إلى يوم الدين».
وجاء في نص خطبة الجمعة اليوم الذي نشرته وزارة الأوقاف عبر موقعها الإلكتروني: «محاسبة النفس زاد المتقين وسبيل النّجاة يوم الدين، وقد أقسم الحق سبحانه بالنفس الكريمة التي تكثر لَوْمَ صاحبها ومحاسبته، يقول سبحانه: وَلَا أُقْسِمُ بالنَّفْس نبينا، صلى الله عليه وسلم إلى محاسبة النفس وأخبرنا أن أذكى المؤمنين هو الذي يضع الموت في حسبانه ويعمل لآخرته، فحينما سئل نبينا صلى الله عليه وسلم أي المؤمنين أكيس؟ قال صلى الله عليه وسلم: أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ - ذكرًا وَأَحْسَهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا، ويقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه - حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن تُوزَنُوا، وتزيَّنوا للعرض الأكبر يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيةٌ».
وأوضح نص خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف أنَّه «إذا كان الإنسان سيلقى ربه سبحانه، ويحاسبه ويسأله عن كل شيء، فحق له أن يحاسب نفسه قبل أن يُحاسب، حيث يقول الحق سبحانه: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ) ويقول سبحانه: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِنَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا، ويقول تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا، ويقول المصطفى (صلى الله عليه وسلم): (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانَ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِنَّا مَا قَدَّمَ. وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ).
والعاقل هو الذي لا يغفل عن دوام محاسبة نفسه، ويتزود بالتقوى ليوم القيامة حيث يقول الحق سبحانه: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنْ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى، ويقول سبحانه: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)، ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ يما تَعْمَلُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، يقول ابن كثير رحمه الله أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وانظروا ماذا ادَّخرتُم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم، واعلموا أنه عالم بجميع أعمالكم وأحوالكم لا تخفى عليه منكم خافية. وبالمحاسبة تركى النفس وترقى إلى معالي الأمور وصالح الأخلاق، حيث يقول الحق سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا، ويقول الحسن البصري (رحمه الله: إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة».
واستكمل نص خطبة الجمعة اليوم لوزارة الأوقاف: «الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين. لا شك أن محاسبة النفس لا تقف عند حد النظر فيما قدمت لأجلتها ومحاسبتها على أداء الشعائر من صلاة وصيام وزكاة وحج ونحو ذلك، بل يمتد مفهومها ليشمل محاسبة النفس على ما قدمت لعمارة الكون، وماذا قدم الإنسان لأهله ووطنه والإنسانية من علم نافع وعمل جاد، فالعاقل هو من يعمر الدنيا بالدين ، ويلبي نداء وطنه متى دعاه الوطن أو احتاج إليه».
اقرأ أيضاً
كما جاء في خطبة الجمعة: «إذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم قد عدد أركان الإسلام في قوله : (بُنِي الإسلام على خمس، شهادة أن لا إلَهَ إِلَّا اللهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا)، فإن مفهوم العبادات أوسع - من ذلك بكثير، فالإحسان إلى الأهل والنفقة عليهم من كسب حلال عبادة، والصدق عبادة، والأمانة عبادة، وإتقان العمل عبادة وعمارة الكون عبادة، وما أجمل العيش في سبيل الله بأن يسخر الإنسان حياته لمرضاة الله سبحانه بخدمة خلقه وقضاء حوائجهم وكف الأذى عنهم، حيث يقول الحق سبحانه: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا)، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم): (إِنَّكَ أَنْ تَتْرُكَ ورَتَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفُفُونَ النَّاسِ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً إِلَّا أُخِرْتَ بِهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَانَ، أَوْ طَيْرُ، أَوْ سَبْعٌ ، إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةً)».
وجاء في ختام نص خطبة الجمعة المقبلة لوزارة الأوقاف: «فما أحوجنا إلى دوام محاسبة النفس والمبادرة بتعجيل التوبة الصادقة والعزم الصادق على الإصلاح، حيث يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِيهَا)».