مفتي الجمهورية: انتشار العنف والإرهاب وقع بسبب الانحراف عن تعاليم الأديان
سماح رضا قضية رأي عامصرح فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم،` إن البشرية لطالما كانت في حاجة إلى بناء الجسور المعرفية والحضارية فيما بينها؛ لأن تلك الجسور هي التي تعظم المشتركات الإنسانية من أجل تحقيق النفع والخير للبشرية كلها، بغض النظر عن اختلاف العرق أو اللون أو الدين أو الفكر، كما تحترم الخصوصية الفكرية والعقدية فضلا عن أنها تدعم قيم الأمن والسلام والتعايش المشترك.
وأكد -خلال كلمته بمنتدى بناء الجسور بين الشرق والغرب الذي عقد اليوم في مقر في الأمم المتحدة بنيويورك- أن تصحيح النموذج المعرفي خاصة في جانب العلاقات الإنسانية العامة هو أكبر عامل من عوامل بناء هذه الجسور بين أبناء الإنسانية جميعا.
وثمن فضيلته جهود رابطة العالم الإسلامي والأمين العام الأستاذ الدكتور محمد عبد الكريم العيسى، في نشر الصورة الصحيحة لديننا الحنيف والعمل الدءوب على إبراز القيم المشتركة بين الأمم والشعوب وتدعيمها، وتفعيل القيم الإسلامية الحضارية التي تشتد الحاجة إلى إبرازها وتفعيلها، خاصة في هذه الظروف العالمية.
وأضاف فضيلة "إن النموذج المعرفي الذي ندعو جميعا إليه من أجل تحقيق الأمن والسلام يختلف شكلا وموضوعا عن النموذج الصدامي المشوه الذي تبنته وروجته الجماعات الإرهابية بمختلف أطيافها، وكذلك منظرو صدام الحضارات عبر السنوات الفائتة.
وأوضح أن إساءة استخدام الاختلافات الدينية والثقافية والعرقية ما زالت وسيلة هؤلاء لتبرير العنف والإرهاب وخطاب الكراهية، ولطالما وقف القادة الدينيون في مواجهة تلك الأفكار؛ وذلك إدراكا منهم لعظم الصعوبات والتحديات التي تواجه المجتمع العالمي، وبالتالي أهمية الواجبات الملقاة على عاتقهم؛ مشيرا إلى أن انتشار العنف والإرهاب وقع بسبب الانحراف عن تعاليم الأديان التي تدعو إلى التعايش والتسامح.
وشدد فضيلة المفتي -في كلمته- على أهمية اتحاد القادة الدينيين من أجل تصحيح المفاهيم، مشيرا إلى أن ذلك سوف يحد أو يمنع من انتشار العنف والإرهاب.
وقال فضيلة المفتي إن أكبر مثال على ذلك ما حدث في مصر؛ فإن حالة الاصطفاف الإسلامي المسيحي على مستوى القادة الدينيين، بل على مستوى الشعب بجميع أطيافه، قد وقف حجر عثرة أمام خطاب الكراهية بسبب توحد القادة الدينيين على ترسيخ مفاهيم الوحدة الوطنية.
كما أن النموذج المصري في مواجهة هذه الأفكار الشاذة يعد نموذجا يحتذى في القضاء على خطاب الكراهية وأشكال الاستقطاب الأخرى؛ وذلك لأنه نموذج مبني على العمل المؤسسي الجاد، الذي يتطلب منا جميعا أن ندرك أن كلا منا على ثغر في مواجهة خطاب الكراهية وغيره من أشكال الاستقطاب، وأن علينا أن نتكاتف وأن ننظم صفوفنا في مواجهة هذا الخطر، ومن ثم فإننا بحاجة إلى اعتماد استراتيجية واضحة في هذا الشأن، وتتمثل مهمة القادة الدينيين في هذه الاستراتيجية في بناء الوعي وتصحيح المفاهيم وعقد الفاعليات المستمرة ودورات تدريب العلماء والباحثين من أجل تدريبهم على مواجهة شبهات الإرهابيين وغيرهم من أصحاب الأفكار والدعاوى المغلوطة.
وأشار المفتي إلى دور دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في هذا السياق، حيث كانتا في مقدمة المؤسسات التي اتخذت موقفا واضحا في مواجهة سائر أشكال الاستقطاب؛ كما سعتا في الفترات السابقة بخطى حثيثة لجمع الشمل وتوطيد الأخوة ونبذ الكراهية في مجال الإفتاء؛ وحرصتا على ترجمة هذه القيم في الفعاليات والفتاوى والبيانات والمبادرات والمؤتمرات العالمية.
ولفت إلى إنشاء دار الإفتاء المصرية مراصدها البحثية وأطلقت مبادراتها لخدمة هذا المقصد النبيل؛ حيث أنشأت مرصدا لفتاوى الكراهية التي يحاول المتطرفون بثها في العالم وينسبونها زورا وبهتانا للإسلام، وقد أطلق هذا المرصد باسم "مرصد الفتاوى التكفيرية والشاذة"، وذلك بالتوازي مع مرصد آخر يرصد ممارسات الكراهية في ثوبها الآخر، وهو مرصد الإسلاموفوبيا، كما أطلقت المؤشر العالمي للفتوى لقياس ثمار الوسطية والكراهية في مجال الإفتاء، وتوجت هذه الجهود بإنشاء "مركز سلام لدراسات التطرف"، والذي يسعي أن يكون مظلة جامعة لكل مراكز الأبحاث المعنية بمكافحة التطرف وقاية وعلاجا.
وفي ختام كلمته قال فضيلة المفتي: إن هذه التجربة الفريدة كانت بلا شك بالتنسيق مع القادة السياسيين إيمانا منا بأهمية العمل المؤسسي المتكامل.