وزير الأوقاف: الجانب الأخلاقي والإنساني يشكل لب الرسالة المحمدية
قضية رأي عامتحدث الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، عن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، قائلا: النبي (صلى الله عليه وسلم) كان نبي الإنسانية ورسولها، والجانب الأخلاقي والإنساني يشكل لبَّ الرسالة المحمدية، حيث أرسله ربه (عز وجل) للناس كافة، فقال (سبحانه وتعالى): "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةً وأعطيت الشفاعة"، ولقد كان (صلى الله عليه وسلم) خير الناس لأصحابه، وخير الناس لأزواجه، وخير الناس لأبنائه، وخير الناس لأحفاده، وخير الناس للناس وخير الناس للإنسانية جمعاء، ضرب أعظم المثل في ذلك.
وتابع "جمعة": كان الرسول يقول عن أم المؤمنين السيدة خديجة (رضي الله عنها) ذاكرًا إياها بكل خير، وفيًّا لها: "آمَنَتْ بي إذ كفَرَ بي الناسُ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ، ورزَقَني اللهُ (عزَّ وجلَّ) ولَدَها إذ حرَمَني أولادَ النِّساءِ"، وكانت هناك عجوز تأتي إلى بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيام خديجة، ثم جاءت في يوم من الأيام إلى منزل السيد عائشة أم المؤمنين (رضى الله عنها)، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من أنت ؟" قالت : أنا جثامة المزنية ، فقال : "بل أنت حسانة المزنية ، كيف أنتم ؟ كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟" ، قالت : بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، فلما خرجت قالت عائشة : يا رسول الله ، تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟، فقال: "إنها كانت تأتينا زمن خديجة وإنَّ حسنَ العهدِ من الإيمانِ".
وأضاف: كان النبي يقول عن سيدنا أبي بكر: "إنَّ أمنَّ النَّاس علي في صحبته وماله أبو بكر"، وكان يقول: "ما لِأَحدٍ عندَنَا يَدٌ إلَّا وقَدْ كافأناهُ ، ما خلَا أبا بكرٍ ، فإِنَّ لَهُ عِندنَا يَدًا يُكافِئُهُ اللهُ بِها يَومَ القيامَةِ"، وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) خير الناس لأزواجه، كان في خدمة أهله، وكان يقول: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"، كان خير الناس لأحفاده، رفيقا بهم رحيمًا عليهم، يحملهم ويقبلهم، كان يُقبِّلُ الحَسَنَ بنَ علِيٍّ، فقال الأقرَعُ بنُ حابِسٍ: إنَّ لي عَشَرةً مِن الوَلَدِ، ما قبَّلتُ منهم أحَدًا، فقال رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): "مَن لا يَرحَمْ، لا يُرحَمْ"، وعن أبي قتادة الأنصاري رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "يصلِّي ، وَهوَ حاملٌ أُمَامَةَ بنتَ زينبَ بنتِ رسولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فإذا سجدَ وضعَها وإذا قامَ حملَها" ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "إنِّي لأدخلُ في الصلاةِ أريدُ أن أطيلَها فأسمعُ بكاءَ الصبيِّ فأتجوزُ في صلاتي خشيةَ أن أشق على أمُّهُ"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إذا صلَّى أحَدُكم لِلناسِ فليُخفِّفْ ؛ فإنَّ فيهمُ الضَّعيفَ والسَّقيمَ والكَبيرَ وذا الحاجة"، ولما مات ابنه إبراهيم (عليه السلام) دمعت عيناه ورآءه سيدنا عبد الرحمن بن عوف ، فقال: وأنت يا رسول الله، فقال: "يا عبد الرحمن إنها الرحمة، إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا ابراهيم لمحزونون ، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون".
وأشار وزير الأوقاف، إلى أن رحمة النبي (صلى الله عليه وسلم) عمت البشر والحيوان والجماد والحجر والشجر، فلما رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) رجلا يُتعب جمله ويحمله ما لا يطيق ، قال يا صاحب الجمل أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإن جملك اشتكى إليَّ أنك تُجيعه وتُدئبه"، ولما كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) على جبل أحد مع أصحابه الكرام سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان (رضي الله عنهم جميعًا)، وارتجف الجبل، قال له النبي (صلى الله عليه وسلم ): أثبت أُحد فإن عليك نبي وصديق وشهيدان"، وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يخاطب أُحد فيقول: أُحد جبل يحبنا ونحبه ، وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قبلَ أن أبعثَ ، إني لأعرفه الآن"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) معلمًا إيانا الرحمة والإنسانية: "بينَما رجلٌ يمشي بِطريقٍ اشتَدَّ بهِ العَطشُ، فوجدَ بئرًا فنزلَ فيها، فشرِبَ ثمَّ خرجَ، فإذا كلبٌ يلهَثُ ، يأكُلُ الثرَى من العَطشِ، فقال الرَّجُلُ: لقد بلغَ هذا الكلبُ من العَطشِ مِثلَ الَّذي كان بلغَني ، فنزلَ البِئرَ فملأَ خُفَّهُ ثمَّ أمسكَه بفيِه فسَقَى الكلبَ فشكرَ اللهُ لهُ، فغَفرَ لهُ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ حبستها ، فلا هي أطعمتها، ولا هي أرْسَلَتْها تأكل من خَشاشِ الأرْضِ".
ولفت "جمعة" إلى أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان في غاية الإنسانية، رحمة للعالمين، رسولا للإنسانية، وكانت رسالته رحمة للبشرية جمعاء ، وللإنسانية جمعاء ، للإنسان والحيون للبشر والحجر والشجر ، مضيفا “علينا أن نقتدي به في هذه الإنسانية تراحمًا وتكافلًا ، سلامًا مع الإنسان ، سلامًا على الحيوان ، سلامًا مع البيئة ، سلامًا مع الكون كله ، نسأل الله أن يرزقنا حسن الفهم، في إطار نشر الفكر الوسطي المستنير، وإعادة قراءة النص في ضوء متطلبات وقضايا عصرنا الحاضر، وإسهامًا في بناء الوعي الرشيد”.