مرصد الأزهر يرصد مردود الحرب الروسية الأوكرانية على التنظيمات المتطرفة
قال مرصد الأزهر في مقال له إنه ما إن عمَّت جائحة كورونا وتأثر بها العالم إلا وأعقبتها جائحة أخرى أشد منها وأقوى، وهي الحرب الروسية الأوكرانية، والتي ترتب عليها إلى الآن أكثر من مليون لاجئ إضافة إلى مئات القتلى والجرحى، ومعلوم أن تلك الأحداث تؤثر على العالم أجمع، ليس اقتصاديًّا وسياسيًّا وعسكريًّا فقط، وإنما حتى على صعيد الفكر والمعتقدات إضافة إلى الآثار النفسية والاجتماعية التي قد تمتد إلى عشرات السنوات.
ومرصد الأزهر في متابعته لتك الأحداث رصد عددًا من الأنشطة التي قامت بها التنظيمات المتطرفة واستفادت منها جراء تلك الأزمة.
النقطة الأولى: مما لاشك فيه أن الحرب الروسية الأوكرانية، خففت الضغط العسكري والاستخباراتي عن تنظيم داعش ولو بشكل نسبي ومؤقت، مما يتيح لها متنفسًا تستطيع من خلاله أن تجد لنفسها بدائل متعددة أو مقرات جديدة، لا سيما وأن تنظيم داعش بالأخص يعيش الآن مرحلة شديدة التخبط بعد مقتل زعيمه في فبراير 2022م.
النقطة الثانية: استغل تنظيم داعش الأحداث للدعوة إلى الانضمام إلى التنظيم الإرهابي، حيث جاء في العدد الأخير من مجلتهم الأسبوعية تحت عنوان: "حروب صليبية - صليبية"، تساؤلًا مفاده: إلى أية فئة ينبغي للمسلم أن ينحاز، هل إلى روسيا؟ أم إلى أوكرانيا؟ ليأتي الجواب من تنظيم داعش بأنه على المسلم أن ينحاز للتنظيم؛ باعتباره الطائفة الوحيدة المؤمنة الآن، حيث جاء في مجلتهم: "على المسلمين أن يختاروا الانحياز والتبعية المطلقة لدين الله تعالى وحده، والولاء للمؤمنين فقط، وأن تعليق الآمال يجب أن يكون على الفئة المؤمنة التي كانت كل هذه الأحلاف (يقصدون الدول الأوروبية) قبل بضع سنوات تقاتلها كتفًا إلى كتف". وكأن التنظيم يستغل فرصة وقوع هذه الحرب ليجدد دعوته إلى الناس بأن ينحازوا إليه ويتبعوه، جاعًلا نفسه السبيل الوحيد الذي يجب أن تتعلق به آمال المؤمنين. فالتنظيم لا يبرح يكفر العالم أجمع، ويرى أنه وحده الطائفة القائمة على الحق، مع أنه أبعد الناس عنه.
لذا فإن المرصد في هذا الصدد يؤكد على ما قاله فضيلة الإمام الأكبر في هذا الشأن من أن الحروب لن تجلب لعالمنا سوى مزيد من الدمار والكراهية، وأن تسوية تلك النزاعات سبيله الحوار. وقد توجه فضيلة الإمام الأكبر بدعوة روسيا وأوكرانيا إلى الاحتكام لصوت العقل، وطالب قادة العالم والمؤسسات الدولية بدعم الحلول السلمية؛ لإنهاء النزاع بين الجارتين، كما اهتم فضيلته بقضية اللاجئين وأن هؤلاء الأبرياء هم أكثر من يقع عليهم ضرر الحرب، فقال في تغريدة له: "ما نشاهده من ترويع الأوكرانيين الآمنين وخروجهم من ديارهم بحثًا عن الأمن والأمان؛ لهو اختبار حقيقي لإنسانيتنا، أدعو المجتمع الدولي لمضاعفة المساعدات الإنسانية لأوكرانيا، وبذل مزيد من الجهد لوقف الحرب، وأسأل الله أن يُعجِّل بذلك ويعود هؤلاء الأبرياء إلى ديارهم سالمين".
فكما أن الوصول سريعًا لحلٍّ في هذه الأزمة ينعش الاقتصاد العالمي، ويقضي على المخاوف الدولية، ويقلل من خطورة نشوب حرب عالمية، فإنه أيضًا يقلل من مخاطر استغلال التنظيمات المتطرفة للأحداث ويقضي على أملها في أن تطفوا على السطح مرة أخرى أو تطل على العالم بوجهها القبيح الذي لا يقل في قبحه عن وجه الحرب. حفظ الله الإنسانية جمعاء، وحماها من الشرور، وأبعدها عن الحروب.