”مركز الأبحاث الفرنسي”: إيران تسعى لتصدير نموذجها الديني والسياسي إلى أفريقيا
سماح رضاأفاد تقرير أصدره المركز الوطني الفرنسي للأبحاث حول أبرز القضايا الدولية، فإن النفوذ الإيراني في أفريقيا بات قضية أيديولوجية وأمنية واقتصادية، إذ لم تعد علاقات طهران مع عواصم دول الجنوب العالمي مجرد إطار لستار معاداة ما يسمى الإمبريالية وحسب كسباً للرأي العام المحلي، وإنما كذلك من منظور نهج ثوري يهدف إلى تصدير نموذجي إيران السياسي والديني.
أما فيما يتعلق بالنشاط العسكري لإيران في أفريقيا فهو وفقاً لأكبر منظمة أبحاث حكومية في فرنسا وأكبر وكالة أبحاث علوم أساسية في أوروبا، عنصر مركزي رئيس في الاستراتيجية الإيرانية للردّ غير المتكافئ على القوى الإقليمية التي تساح جيوشها على نحو متقدم، كما ويمكن أن تكون جزءاً من تحدي النفوذ الأميركي في المنطقة وفقاً للرؤية الإيرانية.
ويرى مراقبون سياسيون أن طهران تبحث كذلك عن بناء تعاون اقتصادي بأي شكل كان بحيث يكون واجهة لإظهار نفوذها بشكل غير مباشر في القارة الأفريقية، وهو ما قد يسمح لها في المستقبل القريب بتأسيس جماعات مسلحة تابعة لها تستخدمها عند الضرورة، وذلك على غرار ما تقوم به إيران في بعض دول الشرق الأوسط.
من جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي باسكال آيرولت أن طهران تسعى بقوة إلى إيجاد دور وموقع لها في أفريقيا، وهو ما يُعتبر تحدياً مباشراً للولايات المتحدة، إذ تتمثل إحدى ركائز سياسة المحافظين في إيران في إعادة التواصل مع ما كان يسمى دول عدم الانحياز، وكذلك مع الدول الخاضعة للعقوبات الأمريكية في أمريكا اللاتينية مثل كوبا وفنزويلا ونيكاراغو، والتي زارها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في يونيو (حزيران) الماضي قبل أن يزور إندونيسيا في آسيا في إطار التوجهات نفسها .
وقال في مقال له نشرته صحيفة "لو بينيون" تحت عنوان "إيران: معركة إبراهيم رئيسي ضد الإمبريالية في أفريقيا"، إن طهران ترغب في مقاومة الضغوط الغربية والحصول على الدعم في المحافل الدولية من خلال جولة الرئيس الإيراني في بعض الدول الأفريقية، حيث يزور كينيا وأوغندا وزيمبابوي.
ورأى آيرولت أن رئيسي، يركب في جولته الأولى في إفريقيا، الموجة المناهضة للإمبريالية، ويسعى في ذات الوقت إلى كسب شركاء سياسيين وأمنيين واقتصاديين جدد بهدف التحايل على العقوبات الأمريكية.
وأشار إلى أنه بعد 11 عاماً على جولة مماثلة للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، يقوم إبراهيم رئيسي بزيارة استراتيجية للغاية إلى إفريقيا، وذلك بعد أن تم إهمال القارة في السنوات الأخيرة حسب اعتراف المسؤولين الإيرانيين أنفسهم، لأسباب عدة منها أن الرئيس الأسبق حسن روحاني كان أكثر اهتماماً بإعادة التواصل مع الغرب وفق الاتفاق النووي، وذلك مقابل ضعف التواصل مع دول أخرى.
لافتا إلى أن إيران عززت من نشاطها الدبلوماسي في الأشهر الأخيرة بهدف تقليص عزلتها، والحد من تداعيات العقوبات المشددة التي أعادت الولايات المتحدة فرضها عليها بعد انسحابها في 2018 من اتفاق نووي تم التوصل إليه بصعوبة بالغة وبعد سنوات طويلة من التفاوض.