سليمان بن سعد الحميد: التدخل العسكري في النيجر ستكون تداعياته وخيمة على المنطقة كلها
قال الكاتب والمحلل السياسي والخبير الاقتصادي الدكتور سليمان بن سعد الحميد الخالدي، إنه سيكون أحد السيناريوهات ذات التداعيات السيئة على النيجر أن تنفذ المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" تهديدها بالتدخل العسكري في النيجر ضد المجلس المنقلب على الرئيس محمد بازوم، وذلك بعد انقضاء مهلتها التي وضعتها أمام قادة الانقلاب، موضحًا أنه حال نفذت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" تهديدها بالتدخل العسكري سيُدخل النيجر في دوامة من الاضطرابات والتدهور.
وأضاف “الحميد”، أن الانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر هو خامس انقلاب تشهده البلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960، والذي جاء في سياق موجة جديدة من الانقلابات والانقلابات المضادة شهدتها دول منطقة الساحل الأفريقي خلال العامين الماضيين فقط، مؤكدًا أنه من الصعب بل ومن المستحيل أن تتحمل النيجر ما تحملته دول أفريقية أخرى تمت فيها انقلابات لاعتمادها بشكل كبير على المساعدات الخارجية، التي سيؤدي توقفها لضغط يمكن تحمله لبعض الوقت، لكن استمراره سيؤدي لتكوين جبهة داخلية ضد المجلس العسكري، وهو ما تراهن عليه مجموعة إيكواس.
وأوضح الكاتب والمحلل السياسي والخبير الاقتصادي الدكتور سليمان بن سعد الحميد الخالدي، أن المسار الذي يراهن عليه العسكريون في النيجر هو أن تضطر القوى الغربية ومجموعة إيكواس للتفاوض مع المنقلبين حال صمودهم أمام العقوبات، وذلك خوفًا على مصالحهم التي سيؤدي طول أمد المرحلة الحالية لتأثرها بشكل أكبر، مشيرًا إلى أن السيناريو الذي سيحكم المشهد في النيجر سيكون سيئا في ظل غرور العسكر وإصرار إيكواس على رفض الانقلاب، وأحد تلك السيناريوهات الواردة هو التدخل العسكري الذي ستكون تداعياته وخيمة على المنطقة كلها، وفي حال وقوعه فإنه سيستهدف إزاحة العسكر، لكن لن ينجح في إعادة بازوم للحكم.
وتوقع أن يكون للعقوبات المقررة على النيجر أثرًا كبيرًا على مستقبل الأزمة، حيث تُمثل المساعدات المقدمة من فرنسا وألمانيا وأميركا والاتحاد الأوروبي 60% من الميزانية، خاصة في الشهور المتبقية من العام، موضحًا أنه ربما لا يكون ذلك كافيًا في الأمد القريب لإجبار العسكر على التراجع عن الانقلاب في ظل ما يتلقونه من دعم من قيادات دول مجاورة شهدت انقلابات سابقة، لكنه في ظل كون هذا الدعم معنويا فقط فلن يطول أثره.
وأكد أن التدخل العسكري في النيجر ستكون له عواقب سلبية على المنطقة؛ خاصة فيما يخص ملف الهجرة غير الشرعية، كما أن عدم التدخل العسكري وبقاء الحكم العسكري له تداعيات سيئة كذلك، حيث سيزرع عدم الاستقرار ويرفع نسب إمكانية تعرض دول أخرى في الغرب الأفريقي لتغييرات مشابهة، موضحًا أن الوحدة بين مكونات الجيش ليست قوية، فهناك من لا يزال يتمسك بشرعية الرئيس بازوم، وإذا حدث التدخل العسكري فإن ذلك سيزيد احتمال حدوث خلافات بين العسكر تساهم في نجاح هذا التدخل.
ولفت إلى أن العقوبات ثبتت كفاءتها عدة مرات في دول أفريقية أخرى، ومن المتوقع أن تكون أكثر فاعلية في النيجر لاعتمادها بشكل كبير على المساعدات الخارجية، مؤكدًا أن هذه العقوبات ستكون أقسى من أي عقوبات سابقة، مع تهديدات جادة بالتدخل العسكري، الأمر الذي يتوقع معه في نهاية الأمر ترك العسكريين للسلطة، مشددًا على أنه في حال عدم حصوله سيؤدي ذلك إلى عدم استقرار لن يكون مفيدا لأي من أطراف المشهد.
ونوه بأن الضغوط الاقتصادية، إضافة إلى ضغط استفحال خطر الجهاديين، من شأنها أن تدفع لفشل الانقلاب، مؤكدًا أن التدخل العسكري حال وقوعه سيؤدي بالتأكيد لإعادة بازوم للحكم كونه جاء عبر مسار ديمقراطي وعبر الانتخابات، لافتًا إلى أن الغرب يسارع خطواته لاحتواء انقلاب النيجر وتداعياته الكارثية على وضع النفوذ والقواعد العسكرية، خشية التمدّد الروسي، لتجنب تكرار سيناريو حرب أوكرانيا في غرب إفريقيا.
وأوضح أن التنافس الدولي بشأن النيجر ووجود عناصر فاغنر في البلدان المجاورة لنيامي، بالإضافة إلى ضعف الجيش النيجري أمام ضغوط فرنسا، كل ذلك قد يفتح الباب أمام موسكو للتدخل في النيجر ويعيد سيناريو أوكرانيا في غرب إفريقيا، مشيرًا إلى أن انقلاب النيجر كشف عن تقاطع المواقف الدولية والأطماع في موارد هذا البلد نظرا لثرواته من اليورانيوم والنفط والماس والذهب والفحم، ودوره المحوري في التصدي للإرهاب بالساحل الإفريقي.