الإثنين 28 أبريل 2025 06:35 صـ 29 شوال 1446 هـ
قضية رأي عام
رئيس مجلس الإدارة هشام ابراهيم رئيس التحرير محمد صلاح
×

مرآة الضرائب ...عندما يصبح النقل الانتقامي عنوان المرحلة تفشل الإدارة!!

الإثنين 28 أبريل 2025 12:48 صـ 29 شوال 1446 هـ

مرآة الضرائب تفضح الأخطاء أكثر مما تفعل المعارضة ...

قيادة مؤقتة تفرغ سلطتها في تصفية الحسابات..

تمر الدول بلحظات تكاد فيها الحقيقة أن تصرخ تكاد المرآة أن تتحطم من شدة ما تعكسه من واقع موجع لا يحتاج إلى شرح أو تبرير لحظة صدور حكم محكمة القضاء الإداري رقم 5731 لسنة 79 ق بجلسة الاثنين 24 فبراير 2025ضد قرار نقل السيد/ محمد ناصف الموظف بمصلحة الضرائب المصرية لم تكن مجرد ورقة قانونية تضاف للأرشيف كانت مرآة ضخمة نصبت أمام أعيننا تعلن أن القوانين وحدها لا تحمي الشعوب حين تسلم المؤسسات مفاتيحها لمن لا يعرف كيف يفتح الأبواب لسنا أمام نزاع إداري روتيني بل أمام لوحة مكتملة الأركان لفشل مؤسسي صارخ قيادة مؤقتة استباحت قرارات النقل كسلاح انتقام شخصي وسط غياب كامل لوزير مالية يفترض أن يكون حامي الاستقرار المؤسسي وأجهزة رقابية بدت وكأن الأزمة تقع في دولة أخرى.
قرار المحكمة جاء ليقول صراحة السلطة أسيء استخدامها والقانون تم تجاوزه ومخالفته ولا عزاء للمؤسسات.

صمت رسمي وانفصال عن الواقع.....

الأخطر من قرار النقل ذاته كان ذلك الصمت المطبق الذي خيم على المشهد لا وزير مالية يحرك ساكنا ولا أجهزة رقابية تبصر أو تسمع بدا وكأن قطاعا كاملا من الدولة قرر أن يكون "خارج نطاق الخدمة" بينما الرئيس نفسه يتحدث عن دولة القانون والمؤسسات.

هل أصبح القانون عاجزا أمام عبث سلطة تنفيذية تستخدم النقل التعسفي عقابا لعدد من الموظفين؟

كان يفترض أن تكون المحاكم آخر الملاذات لا أولها لكنها تحولت إلى الملاذ الوحيد حين تحجرت آذان السلطة وتحولت المؤسسات إلى جزر معزولة تحكمها المصالح الشخصية لا النصوص القانونية حين تضطر المحاكم إلى رفع سيف القانون لتعري السلطة التنفيذية فهذه علامة خطر الأصل أن تعمل المؤسسات بانضباط يحميها من السقوط بين يدي القضاءلكن ماذا تفعل حين يصبح الحوار مغلقا والعناد مشرع الأبواب؟

شهادة إدانة للإدارة الحالية.....

الحكم الصادر لصالح محمد ناصف لم يكن إنتصارا فرديا بل شهادة مكتوبة بأحرف قضائية أن الدولة العميقة داخل مصلحة الضرائب تدار الآن بالعصبية والمصالح لا بالكفاءة ولا بالمصلحة العامة إدارة فقدت البوصلة لا تملك رؤية إصلاحية ولا حتى قدرة على الإدارة اليومية....النتيجة عبث في إصدار القرارات عناد بيروقراطي أعمى وتكديس جديد على كاهل المحاكم المنهكة أصلا، بدلا من تخفيف أعبائها.

أسئلة تفرض نفسها بقوة...

في لحظة كهذه لا يمكن تجنب السؤال الأكبر هل نحن بالفعل نبني دولة قانون أم أننا نكتفي بترديد الشعارات؟كيف سقطت مؤسسة حيوية كمصلحة الضرائب إلى هذا الدرك من التخبط والعشوائية؟من هي السيدة التي كلفت بتسيير أعمال رئيس المصلحة؟ ما مؤهلاتها الحقيقية؟ أين سجلها المهني؟ ما إنجازاتها الفعلية؟

والسؤال الأكثر قسوة....
لماذا تترك أجهزة بهذه الحساسية في أيد تفتقر للكفاءة والقيادة الحقيقية؟وما التفسير المنطقي لأن تنقل هذه السيدة موظفين أكثر كفاءة وخبرة ومؤهلا علميا منها نفسها دون مبرر موضوعي؟ أين وزير المالية من هذا الانحدار؟أين الرقابة وأين الأجهزة المنوط بها حماية المال العام وحقوق العاملين؟

منظومة الشكاوى الحكومية الحارس الأمين للخصم...

معلوماتنا المؤكدة من مصادر داخل وزارة المالية تؤكد أن كل من تعرض لنقل تعسفي لجأ إلى وزير المالية بتظلم رسميا البعض لم يكتف بل طرق أبواب منظومة الشكاوى الحكومية التابعة لرئاسة مجلس الوزراء ظنا أن هناك بابا ما سيفتح لكن ما الذي حدث؟ تمت إحالة الشكاوى إلى الخصم ذاته الإدارة المتهمة بالتعسف بمعنى آخر أصبحت الجهة المشتكى منها هي التي تحقق مع نفسها! لا مراجعة حقيقية لا تحقيق نزيه لا مساءلة جادة...النتيجة؟ مزيد من الهراء الرسمي البارد ومزيد من تعميق الجرح المفتوح ولعل الأخطر هو أن هذه الحالة من العبث والتحايل على العدالة تهدد بتفريغ ثقة الناس في مؤسسات الدولة كما حذر السيد رئيس الجمهورية بنفسه في إحدى خطبه حين قال: " ده بصراحة بيكسر معنويات الناس ويديهم احساس ان مفيش امل وصدق فخافته ففقدان الأمل أخطر من فقدان الأموال"
حين تصطدم بأسئلة بلا إجابات تعرف أنك لا تواجه قرارا إداريا فاشلا فقط، بل أمام ظاهرة مرضية أعمق غياب المحاسبة، غياب الرقابة وغياب الرؤية المؤسسية.

إحباط... وصورة رسمية بألوان
باهتة..

ما حدث مع محمد ناصف وأمثاله ليس حادثة فردية معزولة إنها مرآة تعكس ما قد يحدث عندما تترك المؤسسات بلا ضوابط وتتحول الكراسي إلى غاية والأمانة إلى ترف منسي والسلطة إلى حائط صلد أمام أي إصلاح لهذا يحق لكل مصري قلق أن يسأل اليوم وبمرارة حقيقية هل نحن نحيا تحت مظلة قانون حقيقي... أم أن ما نملكه مجرد شعارات مطلية جيدا على جدران مشروخة؟