وفاة أيقونة الفن والموضة الفنانة الفرنسية ”جين بيركين”

كانت المغنية والممثلة الفرنسية جين بيركين، التي توفيت عن 76 عاماً، وستبقى بعد رحيلها "الإنجليزية المفضلة لدى الفرنسيين"، بصراحتها وجرأتها وقوامها النحيل والأخطاء المحببة في لكنتها، وهي مرتبطة في أذهان هؤلاء بشريك قسم من حياتها المغني الشهير سيرج غينزبور الذي كانت ملهمته وسفيرته.

ويشكل ما أوردته بيركين في مذكراتها التي حملت عنوان Munkey diaries ("مانكي دايريز") عام 2018 التعبير الأبلغ عن علاقتها بالفرنسيين، إذ كتبت "عندما أرى الفرنسيين يستمعون إلى أغنيات عمرها 40 عاماً، أدرك أنها جزء من تاريخهم.. ولكن هم أيضاً جزء مني". ووُجدت بيركين ميتة، الأحد، داخل منزلها في باريس.

أيقونة الفن و الموضة
ووجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تحية إلى بيركين واصفاً إياها بأنها "أيقونة فرنسية" و"فنانة متكاملة" كانت "تغني أجمل كلمات لغتنا" الفرنسية.

ومن ناحيتها، وصفت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن المغنية الراحلة بأنها "أيقونة لا تُنسى" وامرأة "عابرة للأجيال".

وبقوامها الذي امتزجت فيه أنوثه المرأة بالطابع الطفولي، جسدت بيركين نموذج البوهيمية الأنيقة، فألهمت مصممي الأزياء إلى جانب مسيرتها الناجحة تمثيلاً وغناءً.

ولم تتوقف بيركين عن غناء أعمال غيزنبور الذي شكلت معه ثنائياً شهيراً خلال سبعينات القرن العشرين، حتى بعد مرور سنوات على وفاته عام 1991، ورغم ما واجهته من ضربات، كوفاة ابنتها كايت عام 2013، ثم إصابتها بسرطان الدم الذي استغرق شفاؤها منه وقتاً طويلاً.

نشأتها وحياتها الفنية
ولدت بيركين في 14 ديسمبر 1946 في لندن، وكان والدها ديفيد بيركين الذي توفي يوم جنازة سيرج مقاوماً بارزاً، فيما كانت والدتها الممثلة الشهيرة جودي كامبل.

وشكل فيلم Blow up ("بلو آب") للمخرج ميكل أنجلو أنطونيوني (السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 1967) بداية بروزها سينمائياً، إذ أثار ظهورها فيه عارية ضجة كبيرة.

وكانت جاين دون العشرين عندما تزوجت من الملحن الإنكليزي جون باري الذي كان يكبرها بـ13عاماً، ورُزقت منه ابنة هي كايت.. وعندما انفصل عنها، قررت الانتقال إلى باريس، حيث تعرفت بغيزنبور عام 1968 خلال تصوير فيلم "سلوغان" للمخرج بيار غريمبلا.

ورغم أن ارتباطهما الفعلي استمر13 عاماً، لنّ بيركين وغينزبور بقيا متحدين إلى الأبد في الذاكرة الجماعية، إذ جسدا الإبداع الجامح في عصرهما.،وأثمر زواجهما ابنة واحدة هي شارلوت.

وضعت جين صوتها في عام 1969 - "السنة الإباحية"- بحسب توصيف إحدى أغنيات غينزبور، على الأغنية المثيرة "Je t'aime، moi non plus".

وكانت بريجيت باردو منعت إصدار النسخة الأولى من العمل المنجز بصوتها، خلال فترة علاقتها بالمغني الشهير، وحققت الأغنية نجاحاً كبيراً، أعقبه في عام 1971، طرح ألبوم "Histoire de Melody Nelson"، الذي استلهمه غينزبور من جين بيركين.. واستحال الألبوم من كلاسيكيات المكتبة الموسيقية الفرنسية رغم أنه مني بفشل تجاري إثر إطلاقه.

وفي عام 1980، تركت بيركين غينزبور الغارق في إدمان الكحول والعنيف أحياناً، لتتزوج بعدها من المخرج جاك دويون، في ارتباط استمر 13 عاماً، وأثمر ابنة تدعى لو.

وبعدما حُصرت في أكثرية الأعمال التي شاركت فيها بدور الفتاة الساذجة، بدأت بيركين تحولاً في مسيرتها من خلال خوض غمار سينما المؤلف.

وقالت في تصريحات سابقة لها: "على الرغم من المظاهر، لدي شيء حزين للغاية بداخلي، شعور رهيب بالذنب لم يتركني منذ الطفولة. جاك لاحظ ذلك فيّ".

وشاركت جين بيركين في حوالي 70 فيلماً، حملت توقيع بعض من أشهر المخرجين من أمثال جاك ريفيت وبرتران تافيرنييه وجان لوك غودار وآلان رينيه وجيمس إيفوري وأنييس فاردا، وكانت بيركين تؤكد أنها ممثلة "بالفطرة" لكن من دون "موهبة" في هذا المجال.

وعلاقتها مع دويون لم تمنعها من الاستمرار في الغناء لسيرج غينزبور الذي استمر من ناحيته بالكتابة لها، وأثمر هذا التعاون خصوصاً أغنية "بيبي آلون إن بابيلون" سنة 1983 التي حققت مبيعات مرتفعة.

وانتظرت جين بيركين بلوغ سن الأربعين، في عام 1987، للظهور لأول مرة على خشبة المسرح في قاعة باتاكلان في باريس، ثم في صالات أخرى بينها الأولمبيا.

وفي عام 1999، أصدرت أول قرص لها بدون غينزبور، تضمّن أغنيات كتبها لها مغنون ومؤلفون فرنسيون من أمثال فرانسواز هاردي أو آلان سوشون.

كما كانت جين بيركين خلال مسيرتها الطويلة أيقونة في الموضة، حتى أن دار "إرميز" أطلقت عام 1984 اسمها على إحدى مجموعاتها من حقائب اليد.

وكانت لبيركين أيضاً التزامات إنسانية وبيئية.. لكن غينزبور بقي محوراً رئيسياً في حياتها حتى بعد عقود من رحيله، إذ أدت مقطوعاته في عام 2018 مع أوركسترا كلاسيكية ضمن ألبوم حمل عنوان "Birkin Gainsbourg le symphonique" ("بيركين غينزبور السمفونية").